- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( الخبير ):
أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم الخبير.
ورود اسم الخبير في الكتاب و السنة في نصوص كثيرة:
اسم الخبير أيها الأخوة ورد في الكتاب والسنة وفي نصوص كثيرة، ففي القرآن الكريم ورد معرفاً، الخبير في ثلاثة أو مقترناً بثلاثة أسماء، اسم الحكيم في قوله تعالى:
﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) ﴾
ومقترناً مع اسم اللطيف:
﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) ﴾
ومقترناً مع اسم العليم في قوله تعالى:
﴿ نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) ﴾
إذاً الحكيم الخبير، اللطيف الخبير، العليم الخبير، وقد ورد أيضاً هذا الاسم منوناً يعني غير معرف في نصوص كثيرة منها قوله تعالى:
﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) ﴾
الخبير معرف، خبيراً منون، أما في السنة ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: قال: لَتُخْبرِيني أو لَيُخْبِرنِّي اللطيف الخبير.
تعريف الخبير:
أيها الأخوة، الخبير في اللغة على وزن فعيل، هذا الوزن يدل على المبالغة، إذاً الخبير من صيغ المبالغة فعله خَبَرَ يَخبُر خُبرَاً، وخبرت بالأمر أي علمته، هناك من أعلمني به، وخبرته أي عرفته على حقيقته بالعمق، بالخلفيات، بالبواعث، وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أنه سأل السيدة عائشة رضي الله عنها قال: فما يُوجب الغسل ؟ قالت: على الخبير سقطتَ. أي إنك سألت خبيراً بهذا الموضوع.
فالخبير هو الذي يخبر الشيء بعلمه لكن الخبرة أبلغ من العلم لأنها علم وزيادة، فالخبير بالشيء من علمه وقام بمعالجته وبيّن خصائصه وجربه وامتحنه فأحاط بتفاصيله الدقيقة وألمّ بخصائصه اللصيقة ووصفه على حقيقته، فالعلم نظري والخبرة عملية.
خبرة الله قديمة قدم وجوده أما صنعة الإنسان تتطور بحسب خبرته المتنامية:
تصنع محركاً وفق قواعد علمية دقيقة جداً على الاستعمال ترتفع حرارته عند الطريق الصاعدة ؛ وهذا الارتفاع قد يسبب له الاحتراق، إذاً كان في نقص بالخبرة، لذلك وازن بين مركبة صنعت عام 1912 ومركبة 2008، المركبة الأولى تشغيلها من الخارج والمركبة الأولى علبة سرعة ما فيها، والعجلات ليس فيها هواء صلبة، والإضاءة بالفانوس، ونراقب مركبة من أرقى المركبات الآن التي صنعت عام 2008، خبرة الإنسان تتنامى، خبرة الإنسان حادثة، أما خبرة الله قديمة، هل طرأ على خلق الإنسان تعديل ؟ في إنسان موديل ثمانين مثلاً ؟ هل طرأ على خلق الإنسان تعديل ؟ كمال مطلق، الفرق الدقيق بين خلق الإنسان وبين صنع الإنسان، صنعة الإنسان تتطور بحسب خبرته المتنامية وبحسب الخطأ والصواب أما خبرة الله عز وجل قديمة قدم وجوده، الله عز وجل خبير.
آلات كثيرة تصمم وفق أحدث قواعد العلم على التطبيق، على التجريب، على الاستعمال تكشف أخطاء كثيرة تعدل وتعدل وتعدل والإنسان ما دام حياً يرزق صنعته تحتاج إلى تعديل بينما صنعة الواحد الديان كاملة كمالاً مطلقاً.
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
إتقان الله عز وجل لكل شيء :
ليس في حليب الأم حديد أودع الله في طحال الجنين كمية حديد تكفيه لعامين إلى أن يأكل، حينما يولد الطفل ما في قوة في الأرض تعلمه كيف يلتقم ثدي أمه ويمص الحليب، والعملية معقدة جداً، يخلق مع الإنسان ما يسميه علماء النفس منعكس المص، يعني الآن ولد إن اقتربت أصبع الممرضة المولدة مصها، يعني أحاطها بشفتيه وأحكم الإغلاق وسحب الهواء.
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
قد تذهب إلى فنلندا يوجد بعينك ماء هناك الحرارة سبعين تحت الصفر تتلافى البرد الشديد بقبعة وقفازات ومعطف وأحذية مبطنة بالصوف وجوارب صوفية لكن هل تستطيع أن تغطي عينيك هناك ؟ وماء العين يلامس سبعين تحت الصفر، إذاً كل إنسان هناك ينبغي أن يموت أو ينبغي أن يفقد بصره، الواقع أن الله أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد لئلا يتجمد ماء العين في منطقة باردة، الخبير، الإنسان يستخدم العلم لكن الخبرة لا يملكها.
الموضوع طويل ودقيق جداً، الآن مثلاً المركبات الحديثة يضعون جداراً إسمنتياً وتنطلق المركبة من دون سائق باتجاه هذا الجدار بسرعة مئة يلاحظون صمود هيكل السيارة أمام هذه الصدمة حتى يصنعوها بصناعة متقنة، ما عرفوا نظرياً هذا المعدن كم يصمد أمام صدمة بسرعة مئة، بالتجريب، أحياناً يكشفون تركيب التربة ومعهم بذور لا يعلمون هل تصلح هذه التربة لهذه البذور ؟ على التجريب، فالإنسان خبرته تتنامى، يأخذها من التجارب أما خبرة الواحد الديان قديمة قِدم وجوده.
ما من جهة ينبغي على الإنسان أن يتبع تعليماتها إلا الصانع وهو الله عز وجل:
أيها الأخوة، الخبير سبحانه وتعالى هو العالم بما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وليس هذا إلا لله وحده، علم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، والذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن إلا بعلمه بل لا تستقيم آياتنا إلا بتطبيق أمره واتِّباع سنة نبيه لماذا ؟ لأنك أيها الإنسان أعقد آلة في الكون تعقيد إعجاز لا تعقيد عجز.
تصور تمشي في الطريق وسمعت بوق مركبة، ما الذي يحدث حتى انحرفت نحو اليسار ؟ الذي يحدث أن في الدماغ جهاز بالغ التعقيد يحسب تفاضل وصول بوق المركبة إلى الأذنين إلى أيهما دخل أولاً ؟ والتفاضل بينهما واحد على ألف وستمئة وعشرين جزءاً من الثانية، الجهاز في الدماغ يكتشف أن البوق جاء من اليمين، الدماغ يعطي أمراً إلى الإنسان أن ينحاز نحو اليسار.
دقة ما بعدها دقة، قال تعالى:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
يعني الجهة الصانعة هي الجهة الوحيدة التي ينبغي أن تتبع تعليماتها، وهذا من واقع الحياة، عندك جهاز بالغ التعقيد كومبيوتر صناعي ولك جار يبيع الخضراوات صالح جداً تحبه جداً هل تدعوه إلى أن يصلح لك هذا الكومبيوتر ؟ مستحيل، تبحث عن الشركة الصانعة عن خبيرها.
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
أي ما من جهة ينبغي أن تتبع تعليماتها إلا الصانع وهو الله عز وجل.
الأمر الإلهي علاقته بنتائجه علاقة علمية:
لذلك الأمر الإلهي علاقته بنتائجه علاقة علمية، الأمر الإلهي والنهي الإلهي علاقة الأمر بالنتيجة وعلاقة الأمر بالنتيجة علاقة علمية، علاقة سبب بنتيجة، أنا أضرب مثلاً دائماً أذكره كثيراً، أنت راكب مركبة وحامل عشرة طن شاحنة وصلت إلى جسر كتب عليه الحمولة القوى خمسة طن، من الحمق والغباء أن تتلفت يمنة ويسرى في شرطي ؟ ليس الموضوع موضوع شرطي، الموضوع هنا ليس موضوع شرطي ومخالفة، الموضوع الجسر نفسه يعاقبك، تسقط في النهر، العلاقة بين السير فوق هذا الجسر بعشرة طن وسقوط الجسر علاقة علمية.
لوحة كتب عليها ممنوع الاقتراب خط توتر عالي، يا ترى لو اقتربت في مؤاخذة، في مخالفة، يا ترى أسجن ؟ الموضوع ليس موضوع سجن ولا مخالفة ولا مؤاخذة موضوع التيار يعملك فحمة خلال دقائق، أنت حينما تفهم أمر الله الذي هو من عند الخبير على أن العلاقة بين الأمر وبين النتائج علاقة علمية ؛ علاقة سبب بنتيجة، وأن العلاقة بين النهي وبين النتائج علاقة علمية ؛ علاقة سبب بنتيجة، تكون قد عرفت الخبير.
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
الفقيه من عرف أن سلامته و سعادته بطاعة الخالق و شقاءه وهلاكه بمعصيته:
مثلاً ما معنى فرائض ؟ بالضبط للتوضيح أنا أقول لكم استنشاق الهواء فرض لبقائك حياً، يعني إذا لم تستنشق الهواء تموت، وشرب الماء فرض لبقائك حياً، الهواء دقائق، الماء ثلاثة أيام، وتناول الطعام فرض لبقائك حياً لأيام، تتوقف حياتك على استنشاق الهواء وشرب الماء وتناول الطعام، فإذا قلت الصلاة فرض، يعني فرض على سلامتك وسعادتك، إنك إن اتصلت بالله ألقى الله في قلبك نوراً رأيت به الحق حقاً والباطل باطلاً والدليل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ (28) ﴾
هذه الصلاة ذكر الله أكبر، إذا ذكرك قذف في قلبك النور، رأيت الحق حقاً والباطل باطلاً، سلمت وسعدت، فالصلاة فرض والصيام فرض والحج فرض والزكاة فرض والزنا محرم يحجبك عن الله تصبح في ظلام في عمى تتخبط خبط عشواء، والسرقة حرام، والكذب حرام، الحرام يحرمك السلامة والسعادة، والفرض شرط لسلامتك وسعادتك، أنا حينما أفهم الفرائض أنها شروط لازمة لسلامتي وسعادتي وحينما أفهم المحرمات أنها أسباب كافية لشقائي وهلاكي أكون فقيهاً في الدين، أعرابي بسيط ثقافته محدودة جداً التقى النبي عليه الصلاة والسلام قال له يا رسول الله عظني ولا تطل، تلا عليه النبي عليه الصلاة والسلام فقرة من سورة:
﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾
قال: كفيت، فعلق النبي عليه الصلاة والسلام على قوله وقال: فَقُهَ الرجل، ما قال فَقِهَ، فَقِهَ عرف الحكم، أما فَقُهَ أصبح فقيهاً.
من استقام على أمر الله سعد في الدنيا و الآخرة:
أنت أيها الأخ الكريم وأنا معك حينما نفهم أن كل سلامتنا وسعادتنا بطاعة الله وأن كل شقائنا وهلاكنا بمعصيته نكون فقهاء، لهذا كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى به جهلاً أن يعصيه.
في مثل لكن حاد جداً، إنسان ثقافته محدودة جداً راعي التقى به سيدنا ابن عمر قال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها، قال: ليست لي، قال: قل لصاحبها ماتت، أو أكلها الذئب ؟ قال: والله إنني لأشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت، أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله ؟ هذا الراعي الذي لا يقرأ ولا يكتب لكنه خاف من الله وضع يده على جوهر الدين، وإنسان يحمل دكتوراه وله مئتي مؤلف إذا أكل المال الحرام أو اعتدى على أعراض الناس أو أخذ ما ليس له يعد بنص هذه المقولة الرائعة جاهلاً.
كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى به جهلاً أن يعصيه، إنسان سائق مركبة لا يقرأ ولا يكتب لكن قبل أن ينطلق بها يكشف عن مستوى الزيت ويزودها بالزيت بشكل مستمر وإنسان عنده مركبة يحمل دكتوراه بالميكانيك لكن نسي الزيت فاحترق المحرك أيهما أعلم ؟
في شيء عملي فأنت حينما تستقيم على أمر الله تقطف كل ثمار الأمر.
الدين يجب أن يكون بسيطاً سهلاً واضحاً ليقطف جميع الناس ثماره:
بالمناسبة في حقيقة دقيقة جداً الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، يعني إنسان غير متعلم اشترى مكيفاً ضغط على مفتاح التشغيل جاءه الهواء البارد فاستمتع به، إنسان معه دكتوراه بالتكييف ضغط على مفتاح التكييف جاءه الهواء البارد، يستوي هذا الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب في انتفاعه بالمكيف مع هذا الدكتور بالتكييف ؟
الانتفاع بالشيء ليس أحد فروع العلم به، ماذا أريد من هذا الكلام ؟ يعني أنت حينما تطبق منهج الله بعلم أو بغير علم فهمت الحكمة أو لم تفهمها ؛ لمجرد أن تكون صادقاً قطفت ثمار الصدق، لمجرد أن تكون عفيفاً قطفت كل ثمار العفة، لمجرد أن تكون أميناً قطفت كل ثمار الأمانة، الذي عنده دكتوراه بعلم النفس وعنده دكتوراه بالتشريع ويعرف أبعاد الأمانة وأبعاد الحكمة وأبعاد الصدق، المعلومات النظرية لا تقدم ولا تؤخر، منهج الله لكل البشر كالهواء، في إنسان يطالب قبل أن يأخذ الهواء بوثيقة ؟ بشهادة بحسن سلوك ؟ هواء هذا لكل البشر، يقنن لا يقنن، يباع لا يباع، حاجتنا إلى الدين كحاجتنا إلى الهواء، لذلك الدين يجب أن يكون بسيطاً سهلاً واضحاً، ينبغي أن نبسطه، ينبغي أن نعقلنه، ينبغي أن نطبقه.
من معاني الخبير:
إذاً أيها الأخوة، الخبير هو الله عز وجل:
﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾
من معاني الخبير الذي على وزن فعيل بمعنى مفعل يعني خبير بمعنى مخبر:
1 ـ الله متكلم والقرآن كلامه:
إذاً الله عز وجل يخبرنا: الله متكلم والقرآن كلامه، من معاني الخبير أنه متكلم والقرآن كلامه.
2 ـ هو العالم بكل شيء:
المعنى الآخر للخبير هو الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عن علمه صغيرة ولا كبيرة، وهو العالم بكل كل شيء، مطلع على حقيقة كل شيء مهما دقت أو خفيت، عليم بدقائق الأمور لا تخفى عليه خافية، يعلم الداء والدواء، يعلم الظاهر والباطن، يعلم الشكل والمضمون، يعلم جلائل الأمور ودقائقها، يعلم ما يرى بالعين وما لا يرى، يمسك كأس ماء صافٍ في مليارات البكتريات لو وضعته تحت ميكروسكوب ما تمكنت أن تشربه، يعلم ما يرى وما لا يرى، يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: الخبير هو الذي لا تغرب عنه الأخبار الباطنة و لا يجري في الملك والملكوت شيء إلا بعلمه ولا تتحرك ذرة ولا تسكن إلا بعلمه ولا تضطرب نفس ولا تطمأن إلا بعلمه.
3 ـ هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء:
وقيل الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
أيها الأخوة، هذا كله شرح دققوا وكأنه شرح لاسم العليم داخل الأمر يا ترى عليم أم خبير ؟ الجواب لا الخبير، كل خبير عليم لكن ما كل عليم بخبير، الخبير علم وزيادة الخبير يفيد معنى العليم ولكن العليم لا يفيد معنى الخبير.
الله عز وجل عليم وخبير في الوقت نفسه:
أيها الأخوة، أنا أمسكت الكأس نقلته من هنا إلى هنا، أنتم تشاهدون من خلال عيونكم، رأيتم أنني نقلت هذا الكأس من هنا إلى هنا، لكن هناك أعمق من ذلك، لماذا نقلته ؟ البواعث، الدوافع، المقصد، الخطوات، ما الذي خطر في بالي، لماذا فعلت هذا ؟ هذا يحتاج إلى خبير، أنت معلم أمام ثلاثة وأربعين طالباً عددتهم واحداً واحداً وأسماءهم عندك هذا علم أما الخبرة كل طالب من أبيه ؟ أمه ؟ بيته منتظم غير منتظم ؟ البيت ملتزم غير ملتزم ؟ الأب مثقف غير مثقف ؟ الأم مطلقة غير مطلقة ؟ الطفل باختصاصه متفوق بالرياضيات ؟ باللغة العربية ؟ هذه خبرة.
اسم الخبير لو تعمقنا فيه لعددنا للمليون قبل أن نعصيه:
لذلك:
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
العد شيء والإحصاء شيء آخر، يمكن أن تعد الطلاب عدّاً أما الإحصاء أن يتعرف على كل طالب ؛ بيئته، بيته، والديه، مستوى ثقافته، طباعه، طريقة تفكيره، تفوقه، الخبرة أعمق من العلم، الله عز وجل عليم وخبير، يعني كطرفة شخص جالس في بيته معه زوجه وأولاده طرق الباب جاءت صديقة زوجته والوقت شتاء غرفة الجلوس دافئة وغرفة الضيوف باردة صاح بزوجته ائت بصديقتك إلى هنا ؛ هنا أدفأ لكم، يا ترى القصد أن هذه الغرفة أكثر دفئاً فقط أم أنه أراد أن يرى صديقة زوجته ؟ ما شكلها ؟ ما قوامها مثلاً ؟ من يعلم هذا ؟ الخبير، كلامك رائع هنا أدفأ لكم لكن هي غير محجبة وأنت مسلم لماذا تدعوها إلى أن تجلس معك في الغرفة ؟
مثلاً طبيب يعالج مريضة له الحق أن يرى موضع الألم فاختلس نظرة إلى مكان آخر لا يحق له هل في الأرض كلها جهة تستطيع أن تضبط هذه المخالفة ؟ إلا الله:
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾
جالس في بيتك والغرفة مظلمة وفي أمامك بناء آخر في له شرفة خرجت الجارة بثياب مبتذلة لك أن تملأ عينيك من محاسنها ولك أن تغض البصر ولا يعلم أحد في الأرض إلا الله، خبير.
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾
لذلك أيها الأخوة، اسم الخبير لو تعمقنا فيه لعددنا للمليون قبل أن نعصيه.